أصبحت إعلانات التوظيف بالذكاء الاصطناعي إحدى أبرز تطبيقات التقنية الحديثة في مجال الموارد البشرية، إذ تستخدمها الشركات اليوم لصياغة أوصاف وظيفية أكثر جاذبية وسرعة في النشر. لكن رغم مزاياها، تثير هذه الإعلانات تساؤلات حول مدى واقعيتها ودقتها في تمثيل احتياجات الشركات الفعلية.
تشير تقارير LinkedIn لعام 2024 إلى أن أكثر من 40٪ من مسؤولي التوظيف استخدموا أدوات مثل ChatGPT أو Jasper.ai لصياغة إعلانات الوظائف.
لكن رغم سرعة الإنجاز وجودة الصياغة، بدأت تظهر مشكلة جديدة: تضخيم التوصيف الوظيفي، أي كتابة مهام ومهارات تفوق الواقع الفعلي للوظيفة.
1. تضخيم التوصيف الوظيفي في إعلانات التوظيف بالذكاء الاصطناعي
تعرّف الدراسات الحديثة هذه الظاهرة بأنها الميل إلى إدراج مهام أو مهارات غير ضرورية ضمن الوصف الوظيفي لجعل الوظيفة أكثر “جاذبية” أو “تقنية”.
على المرشّحين:
يعتقد البعض أن الوظيفة تتطلب قدرات متقدمة، فيشعرون بعدم التناسب أو يطلبون رواتب أعلى من ميزانية الشركة.
على الشركات:
ينتج عن ذلك زيادة في انسحاب المرشّحين من المقابلات أو انخفاض في جودة التوظيف بسبب الفجوة بين المطلوب فعليًا والمكتوب في الإعلان.
دراسة من HR Dive أظهرت أن ظاهرة تضخيم المسمّيات الوظيفية أصبحت شائعة، خصوصًا في الشركات التي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في التوظيف.
2. كيف يخلق الذكاء الاصطناعي فجوة إدراك في إعلانات التوظيف؟
عندما تعتمد الشركات على أدوات مثل ChatGPT في كتابة الإعلانات، فإن الذكاء الاصطناعي يستند إلى بيانات ضخمة من شركات عالمية متقدمة تقنيًا.
النتيجة؟ إعلانات “منفوخة” تصف بيئة عمل مثالية لا تشبه واقع الشركات الصغيرة والمتوسطة.
بحسب تقرير McKinsey، أكثر من 55٪ من الشركات التي استخدمت الذكاء الاصطناعي لكتابة الإعلانات لم تُجرِ مراجعة بشرية قبل النشر، مما أدى إلى “تشويه الهوية الوظيفية” للمؤسسة.
3. الأثر النفسي والاقتصادي لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات الوظيفية
الدراسات تشير إلى أن الوصف “المبالغ فيه” يخلق إرهاقًا معرفيًا لدى الباحثين عن عمل.
المرشّح يشعر أنه غير مؤهل رغم أن متطلبات الوظيفة الفعلية بسيطة.
وعند التفاوض على الراتب، تنشأ فجوة بين الطرفين:
-
المرشّح يُقدّر الراتب بناء على الوصف “الخيالي”.
-
الشركة تعتبر تلك المهام “مستقبلية” أو غير جوهرية.
النتيجة؟ فشل في المفاوضات أو فقدان الثقة من البداية.
راجع: Employer News – AI Generated Job Descriptions.
4. توصيات لضبط كتابة إعلانات التوظيف بالذكاء الاصطناعي
وفق دراسة McKinsey 2024 فإن كتابة إعلانات التوظيف بالذكاء الاصطناعي
-
انخفاض الثقة بين فرق التوظيف والإدارة التشغيلية.
-
تراجع دقة مؤشرات الأداء (Quality of Hire).
-
ارتفاع معدل دوران الموظفين خلال الأشهر الستة الأولى بنسبة تصل إلى 18٪.
هذه التحديات تهدد ثقة المؤسسة في قراراتها التوظيفية، وتؤثر على سمعتها بين المرشحين.
5. كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي بذكاء في التوظيف؟
حتى تستفيد الشركات من الذكاء الاصطناعي دون الوقوع في فخ “المبالغة”، يمكن اتباع الخطوات التالية:
المراجعة البشرية الإلزامية لإعلانات التوظيف بالذكاء الاصطناعي
يجب أن يقوم مدير القسم الفعلي بمراجعة النصوص التي ينتجها الذكاء الاصطناعي قبل نشرها.
تحليل المهام الواقعي (Job Analysis)
بناء الإعلان على بيانات الأداء السابقة لضمان الواقعية.
تدريب فرق الموارد البشرية
على “الكتابة الذكية” التي توجّه الذكاء الاصطناعي ليعكس واقع الشركة لا صورتها المثالية.
الشفافية مع المرشّحين
أوضح أن الوصف تم بمساعدة الذكاء الاصطناعي لتجنب تضليل التوقعات.
استخدام الذكاء الاصطناعي التحليلي
في المراحل الأولى لتحليل الاحتياجات والمهارات المطلوبة بدقة قبل صياغة الإعلان.
إن كتابة إعلانات التوظيف بالذكاء الاصطناعي خطوة ذكية نحو مستقبل الموارد البشرية، لكنها تحمل مخاطر إذا لم تُدار بوعي.
السرّ في النجاح يكمن في الموازنة بين السرعة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي والواقعية التي يضمنها التدقيق البشري.
بهذا الأسلوب، يمكن للشركات جذب الكفاءات المناسبة وتحقيق عملية توظيف عادلة وفعّالة.
يمكنكم قراءة أيضاً مقالات تتعلق برؤى الاعمال من الرابط التالي: